من هو نويل روزا؟

عمر جبران


وُلد نويل دي ميديروس روزا (1910-1937) المعروف فنياً باسم نويل روزا في مدينة ريو دي جانيرو، وهناك أيضًا توفي بعمرٍ لم يتجاوز الـ 26 عامًا، ورغم قصر رحلته في الحياة، فقد ترك بصمة لا تُنسى في الذاكرة الموسيقية البرازيلية، إذ ألّف أكثر من 250 أغنية، سواء بشكل فردي أو بالتعاون مع غيره من الفنانين.ن

يُعد نويل روزا من أبرز الملحنين الشعبيين تأثيرًا في البرازيل خلال عقدَي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، ولا يزال إرثه الفني حيًا حتى يومنا هذا. فقد كانت أعماله الموسيقية تجسيدًا فريدًا للمزيج بين الموسيقى الحضرية الخاصة بالطبقة المتوسطة مع الأنغام القادمة من المجتمعات الفقيرة التي تستقر في أحياء التلال في ريو دي جانيرو.و

لقد غيّر نويل روزا من طبيعة كلمات الأغنية الشعبية البرازيلية، إذ جاءت كتاباته لتُحدث تباينًا مع الطابع الرومانسي "الملتزم" السائد في تلك الحقبة، وبفضلِه أصبحت البهجة التي كانت محصورة في أغاني الكرنفال جزءًا من الحياة اليومية للناس.س

لُقّب نويل بـ"شاعر الفيلا" (poeta da vila ، بالبرتغالية)، نسبةً إلى حيّ فيلا إيزابيل الذي وُلد فيه، وكان بحق مراسلًا صادقًا لعصره، إذ نقل من خلال أغانيه واقع الحياة اليومية، ليس فقط لمدينة بل لبلد بأكمله.ه


ث"ثلاث صافرات" هي أغنية تتناول موضوعات الحب، والرغبة، والنضال من أجل الحفاظ على نوع من الارتباط العاطفي وسط متطلبات الحياة المعاصرة. تكشف كلماتها عن "الأنا الشعرية" التي تعبّر عن مزيج من الإعجاب والغيرة تجاه المرأة المحبوبة التي تعمل في معمل للنسيج، وتبدو وكأنها لا تبالي لا ببرودة الشتاء ولا بمشاعر معجبها الصادق.ق

تلمّح الإشارة إلى المدير القاسي الذي يُملي عليها الأوامر إلى عنصر من الصراع، كاشفًا عن المعركة الخفيّة بين حبّه وقيود العمل التي تأسر محبوبته.ه

كما تكشف الأغنية عن الجانب الشعري والحساس لدى المؤلف، إذ يعبر من خلالها عن استعداده لتغيير نمط حياته اليومي، والتحوّل إلى حارس ليلي، فقط ليكون أقرب إلى من يحب، بينما يواصل كتابة أبياته على أنغام البيانو.و


ثلاث صافرات (نويل روزا) - ترجمة يارا عثمان

أتذكّركِ
حين تصدحُ صافرةُ معملِ النسيج
مخترقةً أذنيّ

لكنكِ تسيرين
غاضبةً حقًا
بلا شكّ
منشغلةً
بالتظاهر بأنني من لا ترين

يا مَن تُلبّين صفارةَ مدخنةٍ من طين،
لِمَ لا تُصغين
لصرخةٍ أليمة
تنبعث من بوقِ سيارتي؟

أنتِ، التي في الشتاء
للعمل تذهبين
بلا جوارب
لا تؤمنين بمعطفٍ
ولا بالبرد تؤمنين

لكنّكِ تحفةٌ ليس لها مثيل
حين يصفّر المعمل
فهو لك يصيح

في عينيّ تقرئين
معاناتي العميقة
لغيرتي من ذاك الوقح
المدير
الذي أوامره تتلقّين

أنا شاعرُ الليلِ الحزين
له سأصير خفيرًا
وأنتِ … السبب تعلمين

بيد أنّ ما لا تعرفين
أنه بينما القماش تنسجين
أنسج أنا بصحبة البيانو
هذه الأبيات
علّكِ يومًا تدركين


عُمر جبران: باحث لبناني الأصل من مواليد مدينة ساو باولو، يُعدّ من أبرز الباحثين في مجال الموسيقى البرازيلية. أشرف على إعداد وتقديم العديد من البرامج الإذاعية، من بينها البرنامج الشهير "أوليار برازيليرو" الذي استمرّ في تقديمه لمدة 18 عامًا عبر إذاعة جامعة ساو باولو، بين عامي 2006 و 2024 ولا يزال متاحًا للاستماع عبر موقع الجامعة الرسمي.ي
إلى جانب أعماله مع عدد من الفنانين البرازيليين، تولّى عُمر جبران مسؤولية إعادة ترميم وأرشفة أعمال كبار المؤلفين الموسيقيين مثل آري بارّوزو ونويل روزا، الذي تفتتح أعماله قائمة التشغيل الخاصة بـ منصة الجالية على سبوتيفاي.ي

Anterior
Anterior

Solidariedade Locais: Como começaram os Protestos da Primavera Árabe - Parte II

Próximo
Próximo

Solidariedades Locais: Como Começaram os Protestos da Primavera Árabe - Parte I